في البدء نقول : قال تعالى ” وإذا قيل لهم لاتفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لايشعرون “
تكشف الخارطة السياسية والتحالفات ألقائمه عن جملة من العوامل التي قد تؤثر بشكل أو بآخر على الممارسة الحضارية للتداول السلمي للسلطة في الحياة السياسية اليمنية خاصة بعد أن استكملت الدولة اليمنية مقومات البناء المؤسسي لدولة المؤسسات والنظام والقانون من خلال وجود مجالس تشريعيه وشورويه ، ومحليه – بالاضافه الى القضاء المستقل .. والسير قدما في تنفيذ منظومة الاصلاحات السياسية والاقتصادية الشامله التي أقرها المؤتمر العام السابع
للمؤتمر الشعبي العام وفقا لبرنامج زمني يترافق مع تشكيل آليات الحكم الرشيد الكفيلة بمحاربة الفساد وتعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة .. ومن أهم العوامل التي تقف عائقا أمام توجهات البناء الديمقراطي ألتعددي مايلي :- طابع العدائية وتكريس الخصومة السياسية الذي يتبعه الخطاب السياسي لأحزاب اللقاء المشترك ، ويكرس علاقات متوترة بين الأحزاب لاتخدم بناء شراكه سياسيه حقيقية وفاعله في الحياة السياسية .- الإنكار الكامل الذي يكرسه الخطاب السياســــي والإعلامي لأحزاب اللقاء المشترك ، حتى لتلك المنجزات التي تحققت في ظل الائتلافات الحكومية التي كانت بعض تلك الأحزاب شريكة فيها.
– التصوير السوداوي للأوضاع ومحاولة البحث عن مبررات لصيغ استثنائية تتعارض مع دولة المؤسسات – اتباع سلوكـيات وتصرفـات تعكس الخوف من الديمقراطيه من خلال الدعوة إلى إجراء تعديلات دستوريه ، وتعديلات على قانون الانتخابات في ظل أوضاع من المفترض أن تكون فيها الأحزاب في أهبة الاستعداد للانتخابات المحلية والرئاسية .- الانشغال المستمر من قبل أحزاب المشترك بنقد الحزب
الحاكم .. هذا الانشغال وصل مؤخراً إلى حد الشعوذة السياسية التي لجأ إليها بعض الأساتذه السياسيين المتخصصين من منظور المشترك على هيئة تنبؤات تعكس حالة الارتباك التي تعيشها تلك الاحزاب مع اقتراب الانتخابات ،وتعبر عن حالة التحالف السياسي الهش والمريض .
الرؤية التـــــي قدمتها أحزاب المشترك مؤخرا والتي تعد تكرارا لمشروعها السابق حول الإصلاحات السياسية تستند إلى قدر كبير من المغالطة سواء على صعيد تصوير ما جرى من حوارات بين المؤتمر وأحزاب المشترك أو على صعيد التقييم الأحادي الجانب للآليات والإجراءات الانتخابية .. على الرغم من أن الحوارات كانت قد بدأت حول توزيع الحصص للأحزاب من اللجان الانتخابية ، إلا أن أحزاب المشترك باختيارها الانحراف بمسار الحوار إلى مربعات أخرى هو الذي عرقل التوصل إلى نتائج تعبر عن الحرص المشترك على قيام الانتخابات وفقاً للدستور والقانون .إن استمــرار أحزاب المشترك في ترديد اسطوانة تسوية الملعب السياسي بعد إجراء خمس عمليات انتخابيه نيابيه ومحليه ورئاسية يعكس رغبة تصفية ما تحقق من تراكم ديمقراطي على مدى أكثر من عقد ونيف من عمر الجمهورية اليمنية ، ومحاولة العودة مجددا من البداية وكأن نتائج تلك الانتخابات شيئا لم يكن . إننا نفهم التداول السلمي للسلطة كمبدأ يقترن بالتعددية السياسية والحزبية وشرط أساسي لتعدديه تحترم مبادئ وأخلاقيات الممارسة الديمقراطية على نحول شامل ضمن المنظومة المتكاملة للعملية الديمقراطية كإجراءات ونتائج ، وليس على مستوى رئاسة الجمهورية فقط – على الرغم من أن رئاسة الجمهورية هي جزء هام من هذه المنظومه – لكننا لانحترم ذلك الاسلوب الذي عادة ما يلجأ الى الانتقائيه والتوظيف السياسي الرخيص للمفردات والجزئيات .. ولهذا فاننا لابد وأن نسجل بكل اعتزاز من أن اليمن وفي ظل القيادة السياسية بزعامة فخامة الاخ الرئيس القائد علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية قد تمكنت من تجسيد مبدأ التداول السلمي للسلطه في الواقع السياسي العملي سواء من خلال نتائج العمليات الانتخابيه والائتلافات الثنائية والثلاثيه السابقه ، أوعقب الانتخابات النيابيه عام 1997 التي أسفرت عن نجاح المؤتمر بأغلبية أهلته لتشكيل الحكومه بمفرده ومواصلة قيادة حركة التحولات الوطنية في البلاد أو عقب الانتخابات النيابية الاخيره في 2003م والتي عززت من موقع المؤتمر نتيجة تجدد ثقة الناخب اليمني بالمؤتمر الشعبي العام كحزب قوي ومؤثر ورائد مقارنة بأحزاب اللقاء المشترك التي كان تحالفها السياسي غير المتجانس وغير المنسجم ضمن هذا التكتل من الأسباب الرئيسية لما حدث لها من خسارة انتخابيه ..
إن المفهوم الشامل للتداول السلمي للسلطة نلمسه أيضا في الدورات الانتخابية والمؤتمرات ألعامه التي عقدتها الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وما أسفرت عنها تلك المؤتمرات من تجديد لقيادات الأحزاب والمنظمات .. وبالنظر إلى ما عقد من مؤتمرات ودورات انتخابيه نجد أن المؤتمر الشعبي العام يسجل موقع الصدارة في الالتزام بعقد دوراته الانتخابية ومؤتمراته ألعامه في الموعد المحدد بدون مراوحة أو تأجيل ، وهو ما أصبح تقليدا راسخا عكس حالة التجدد في ظل الاستمرارية ، ومنح المؤتمر الشعبي العام حيوية مستمرة في التعاطي مع الإحداث والتحولات الوطنية والدولية ، وأسهم طابع الشفافين الذي اتسمت به الحياة الداخلية للمؤتمر في تنمية وتوسيع وتطوير سلوك الديمقراطية الداخلية في صفوفه وبين تكويناته وأطره المختلفة .. في حين نجد أن أحزاب اللقاء المشترك قد عكست رغم ما عقدت من مؤتمرات حالة الشيخوخة المبكرة التي وصلت إليها تلك الأحزاب ، والتي لم تمارس التداول السليم والسلمي للسلطة عبر ديمقراطية داخليه بالشكل الذي يمكنها من التخلص من الأزمات والتفرغ لبناء قاعدتها التنظيمية وبناء هياكلها .. وهذا ما يفسر خطابها المتسم بالتوتر والخوف من المستقبل والبحث عن شماعات لتبرير فشلها في الانتخابات القادمة مســــبقا سواء تحت مبرر النظام الانتخابي أو تسويـة الملعب، أو تشكـــيل اللجـنة العليا للانتخابات والفريق الفني والإداري المساعد …. الخ ما قدمته من تبريرات في ما يسمى بالرؤى والمبادرات ..وحتى لايقال أننا نتجاهل ما تقدمه تلك الأحزاب من مشاريع ورؤى نستعرض – النظام الانتخابي – كنموذج لذلك الكم الهائل من المبررات والإختلالات التي تزدحم فيها صحف المعارضة وتصريحات قيادات أحزاب اللقاء المشترك وبالذات في المؤتمر الصحفي الذي انعقد مؤخرا .. على الرغم من أن الدستور قد حدد بشكل واضح طبيعة وشكل النظام الانتخابي المتبع ، إلا أنه في ظل ما تثيره بعض أحزاب المعارضة من جدل حول النظام الانتخابي وتحميله مسئوليه ما أصابها من هزائم انتخابيه في الانتخابات السابقة .. نجد أنه من المناسب إيضاح مزايا هذا النظام المعمول به في معظم الديمقراطيات العالمية المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكيه ، والمملكة المتحدة ، بالإضافة إلى أمريكا اللاتينيه ، باكستان ، الهند ، ماليزيا …وغيرها .. اذ ما يقارب ثلث دول ألديمقراطيه في العالم تأخذ بنظام الفائز الأول FPTP
مميزات النظام الانتخابي (الفائز الأول)
First Past the Post
1. قيام حكومة قويه بعيده عن المساومات التي تجري مع الشركاء من أجل قيام حكومة ائتلافيه ـ أي أن الحكومات الائتلافية هي الاستثناء وليس القاعدة
2 . أنه يؤدي إلى نهوض معارضه برلمانيه متماسكة .. فمن الناحية النظرية نجد أن الجانب الضعيف بالنسبة لحكومة الحزب الواحد القوية ، يكمن في إعطاء المعارضة مقاعد كافيه لأداء دور إشرافي نقدي وتقديم نفسها كبديل واقعي للحكومة ألقائمه ..3 . يعطي نظام ” الفائز الأول” ميزات للأحزاب السياسية ذات التأثير الواسع .. ، وهنا يمكن أن تقدم الأحزاب حشدا متنوعا من المرشحين إلى الانتخابات.
4 . يستبعد نظام “الفائز الأول” الأحزاب المتطرفة من التمثيل البرلماني – فما لم يكن الدعم الانتخابي لحزب أقليه متطرف متمركزا جغرافيا ، فمن غير المرجح أن يفوز بأي مقعد في ظل نظام الفائز الأول. وهو الأمر الذي يتعارض مع الوضع في ظل نظام التمثيل النسبي المباشر ، حيث أن توفر نسبة 1% من الأصوات على المستوى القومي يؤدي إلى تمثيل برلماني .
5 . يحتفظ هذا النظام بوجود علاقة بين الناخبين في الدائرة ، وأعضاء البرلمان الذين يمثلونها. أنه يؤدي إلى إنشاء برلمان يتسم بالتمثيل الجغرافي : يمثل أعضاء البرلمان أجزاء محدده من المدن الكبرى والصغرى، وبالتالي فان كل عضو في البرلمان أيضا يمثل مصالح الشعب بأكمله وفقا للدستور اليمني ، كما يمثلون المناطق ، ولا يرتبط الأمر بمجرد وجود شعارات حزبيه . أن المحاسبة التمثيلية ألحقه تعتمد على الناخبين في المناطق المختلفة ، الذين يعرفون ممثليهم ، ولديهم ألقدره على إعادة انتخابهم أو التخلص منهم عند الانتخابات . ويجادل عدد من المحللين في أن هذه المحاسبة التي ترتبط بالمناطق الجغرافية تنتشر في المجتمعات الزراعية والبلدان النامية على نحو خاص .
6 . يتيح هذا النظام الاختيار بين الناس وليس بين الأحزاب . وهناك ميزه أخرى ترتبط بالنقطة السابقة ، وتتمثل في إمكانية تقييم الناخبين لأداء المرشحين الفردي ، وليس
مجرد قبول قائمه المرشحين ألمقدمه من الحزب ، كما قد يحدث في ظل بعض النظم الانتخابية الخاصة بقائمة التمثيل النسبي List Proportional Representation(List PR)
7. يعطي هذا النظام فرصة انتخاب للمرشح الشعبي المستقل ، وهو أمر هام ، على نحو خاص ، في النظم الحزبية النامية ..8. يحظى نظام الفائز الأول بالثناء على نحو خاص نظرا لوضوحه وبساطته في الاستخدام . إن الصوت الصحيح لايتطلب سوى وضع علامة واحده بجانب اسم مرشح واحد ، أو الرمز الذي يمثله .. وعادة ما يكون عدد المرشحين في ورقة الاقتراع صغيرا ، مما يسهل عملية عد الأصوات لدى المسئولين الانتخابيين إن نقطة البدء في تأكيد القبول بمبدأ التداول السلمي للسلطة يكمن في التسليم بنتائج الانتخابات ومن ثم في الاعتراف بأن حجم التواجد في مختلف مواقع السلطة يستمد مشروعيته من حجم التمثيل النيابي ، ومع ذلك.. فان المؤتمر الشعبي العام في مختلف الظروف والمتغيرات قد راعى الاعتبارات الواقعية بهدف ضمان أوسع مدى ممكن من المشاركة التي تكرس الوفاق والوحدة الوطنية وتؤمن السلام الاجتماعي على الرغم من الضغوط الهائلة التي تعرضت لها قيادة المؤتمر من قبل قواعده ألمطالبه بنصيب أكبر يتناسب مع حجم تمثيلها البرلماني ..ولقد عمل المؤتمر الشعبي العام بدأب وبحرص شديد على أن تكون ممارساته منسجمة مع ما يرفعه من شعارات – وهي شعارات محل إجماع وطني – ولكن ومع الأسف الشديد – في الوقت الذي نعمل على تعزيز الوحدة الوطنية نجد البعض يعمل باتجاه تشجيع واثارة النزعات المناطقيه والطائفية والسلاليه ألضيقه ، وفي الوقت الذي نعمل في اتجاه معالجه جادة للفساد نجد البعض يتستر على مواقع الفساد ويروج لثقافة الفساد والإفساد .. وفي الوقت الذي نسعى لتثبيت أسس دولة النظام والقانون نجد البعض يعمل بدأب من أجل هز هيبة ألدوله وإضعاف مكانتها ، وفي الوقت الذي نحرص على التسريع بمعالجة مشاكل المواطنين وهمومهم نجد أن البعض يعمل باتجاه استغلال عذابات الناس وتوظيفها لأغراض حزبيه ضيقه .. في الوقت الذي نعمل على احترام الشرعية الدستورية انطلاقا من إيماننا بمبدأ التداول السلمي للسلطة والسعي نحو ترسيخه كثقافة وسلوك حضاري نجد البعض يسعى الى الالتفاف على ألشرعيه ألدستوريه والبحث عن تسويات وحلول خارج الأطر والهيئات الشرعية ..
إن قيام علاقات سياسيه على قاعدة احترام الرأي والرأي الآخر والفرص المتكافئة للجميع لخوض الانتخابات القادمة يتطلب قبل كل شيء بناء علاقات شراكه متحررة من الخصومة السياسية والضخ الإعلامي غير المسئول الذي تمارسه بحقد صحف ومواقع اليكترونية لأحزاب وشخصيات معارضه بشكل يسيء لليمن وللشعب اليمني وللممارسة الديمقراطية .. ذلك أن قيام علاقات تحترم قواعد أللعبه السياسية عبر ترشيد الخطاب السياسي والإعلامي والابتعاد عن الاساءه للوطن والشعب تعتبر مقدمة هامه لتعزيز مجمل التحولات الديمقراطية التعددية التي يعد – مبدأ التداول السلمي للسلطة – من أهم مرتكزاتها .. ولايمكن أن يتجسد هذا المبدأ عمليا إلا من خلال الاحتكام إلى صناديق الاقتراع والالتزام الكامل بالدستور والقانون والمؤسسات والآليات الانتخابية الدستورية..
للاطلاع على الورقه على شبكة الانترنت .. موقع منظمة صحفيات بلا قيود .. افتح الرابط :